فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة القصص: الآيات 7- 13]:

{وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (8) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (9) وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغًا إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ (12) فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (13)}.

.اللغة:

{وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي} الخوف هو غم يلحق الإنسان لأمر مكروه متوقع والحزن غم يلحقه لأمر مكروه واقع وسيأتي تقرير ذلك في باب البلاغة وما ورد من الاعتراض على هذا العطف.
{قُصِّيهِ} اتبعي أثره وتتبعي خبره وبابه نصر. وسيأتي المزيد من شرح هذه المادة.
{جُنُبٍ} بضمتين: مكان بعيد، يقال بصرت به عن جنب وعن جنابة بمعنى عن بعد.

.الإعراب:

{وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ} الواو عاطفة وجملة أوحينا عطف على قوله ان فرعون علا في الأرض وكلتا الجملتين داخلة في حكم تفسير النبأ وأوحينا فعل وفاعل والى أم موسى متعلقان بأوحينا وأن مفسرة لأن الإيحاء فيه معنى القول دون حروفه ويجوز أن تكون مصدرية على بابها وهي مع مدخولها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بأوحينا وأرضعيه فعل أمر وفاعل ومفعول به.
{فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} الفاء عاطفة وخفت فعل وفاعل وعليه متعلقان بخفت، فألقيه الفاء رابطة وألقيه فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل والهاء مفعول به وفي اليم جار ومجرور متعلقان بألقيه وأراد باليم النيل.
{وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} الواو عاطفة ولا ناهية وتخافي فعل مضارع مجزوم بلا ولا تحزني عطف على لا تخافي وجملة إنا رادوه تعليل للأمر والنهي وان واسمها ورادوه خبرها وإليك متعلقان برادوه وجاعلوه عطف على رادوه وقد أضيف اسم الفاعل إلى مفعوله الأول ومن المرسلين في محل نصب مفعوله الثاني.
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} الفاء عاطفة على محذوف للايجاز تقديره فأرضعته وألقته في نهر النيل في تابوت أعدته له وجرى به النيل إلى قبالة قصر فرعون المطل عليه فالتقطه آل فرعون، ويعبرون عنها بالفصيحة أيضا. وهو فعل ماض ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر وليكون اللام قيل للتعليل وقيل للعاقبة وسيأتي تفصيل ذلك وبحث هذه اللام في باب الفوائد، ويكون على كل حال فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام واسم يكون مستتر تقديره هو وعدوا خبر يكون وحزنا عطف على عدوا.
{إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ} كلام لا محل له من الاعراب لأنه تعليل لما سبق من أمور وقيل هو كلام معترض بين معطوف عليه وهو فالتقطه آل فرعون ومعطوف وهو وقالت امرأة فرعون. وان واسمها وهامان وجنودهما عطف على فرعون وجملة كانوا خبر إن وكان واسمها وخاطئين خبرها.
{وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} الواو عاطفة وقالت عطف على فالتقطه آل فرعون وامرأة فرعون فاعل قالت وهي آسية بنت مزاحم وسيأتي ذكرها في قصة موسى وفرعون، وقرة عين خبر لمبتدأ محذوف أي هو قرة عين ولي ولك صفتان للقرة وقد خبط بعض المعربين خبطا عجيبا في إعراب هذه الآية سنلمع إليه في باب الفوائد.
{لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} لا ناهية وتقتلوه فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل والهاء مفعول به وعسى فعل ماض من أفعال الرجاء وهي تعمل عمل كان، واسمها مستتر تقديره هو وأن ينفعنا مصدر مؤول في محل نصب خبر عسى أو نتخذه عطف على ينفعنا والهاء مفعول به أول وولدا مفعول به ثان، وهم: الواو حالية وهم مبتدأ وجملة لا يشعرون خبر والجملة حال من آل فرعون وهي من كلام اللّه تعالى ويبعد أن تكون من كلام آسية.
{وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغًا} الواو استئنافية وأصبح فعل ماض ناقص وفؤاد أم موسى اسمها وفارغا خبرها وسيأتي تفسير هذا الكلام في باب البلاغة.
{إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} إن مخففة من الثقيلة وكادت فعل ماض من أفعال المقاربة واسمها مستتر تقديره هي واللام الفارقة وجملة تبدي خبر كادت وبه متعلقان بتبدي وإذا أعملت إن كان اسمها ضمير شأن محذوف وجملة كادت خبرها والأولى إهمالها، ومعنى لتبدي به أي تظهر القول به والضمير لموسى وقيل الباء زائدة والهاء في محل نصب مفعول به والأول أضبط ولولا حرف امتناع لوجود وأن مصدرية وهي مع مدخولها مصدر في محل رفع مبتدأ محذوف الخبر أي لولا ربطنا على قلبها حاصل، وعلى قلبها متعلقان بربطنا وجواب لولا محذوف أي لأبدت به ولتكون اللام للتعليل وتكون فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بربطنا أيضا ومن المؤمنين خبر تكون.
{وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} الواو عاطفة وقالت فعل ماض وفاعل مستتر تقديره هي أي أم موسى ولأخته متعلقان بقالت وقصيه فعل أمر مبني على حذف النون والياء فاعل والهاء مفعول به، فبصرت الفاء عاطفة على محذوف أي فذهبت ترتاده وتقص آثاره، وبه متعلقان ببصرت وعن جنب في موضع الحال من فاعل بصرت أي بصرت به مستخفية كائنة عن جنب أو من المجرور وهو به أي بعيدا والواو حالية وهم مبتدأ وجملة لا يشعرون خبر.
{وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة للشروع في بيان سبب رده إلى أمه، وحرمنا فعل وفاعل وعليه متعلقان بحرمنا والمراضع مفعول به ومن قبل حال- والمراضع جمع مرضع وهي التي تمارس الإرضاع ولم تباشره أو جمع مرضع بفتح الميم والضاد اسم مكان الرضاع يعني الثدي- فقالت الفاء الفصيحة أي لما رأت أخته ذلك قالت وهل حرف استفهام وأدلكم فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره أنا والكاف مفعول به وعلى أهل بيت متعلقان بأدلكم وجملة يكفلونه صفة لأهل بيت ولكم متعلقان بيكفلونه والواو حالية وهم مبتدأ وله متعلقان بناصحون وناصحون خبر.
{فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ} الفاء عاطفة ورددناه فعل وفاعل ومفعول به والى أمه متعلقان برددناه وكي حرف تعليل ونصب وتقر فعل مضارع منصوب بكي ولا تحزن عطف على تقر، ودمع الفرح بارد وعين المهموم حرى سخينة.
{وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} الواو عاطفة واللام للتعليل وتعلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي تعلم وان واسمها وحق خبرها والواو حالية ولكن أكثرهم لكن واسمها وجملة لا يعلمون خبرها.

.البلاغة:

1- معنى الخوف والحزن:
لقائل أن يقول: ما الفرق بين الخوف والحزن حتى عطف أحدهما على الآخر في قوله: {ولا تخافي ولا تحزني}؟ ثم أليس من التناقض أن يثبت الخوف في قوله: {فإذا خفت عليه} ثم ينفيه بقوله: {ولا تخافي} والجواب على التناقض المزعوم أن الخوف الأول المثبت هو غرقه في النيل والثاني هو خوف الذبح فاندفع ما يتوهم من تناقض، وأما الاعتراض الاول فهو مندفع بأن هذا من باب الاطناب بل هو قسم نادر من أجمل أقسامه، وهو أن يذكر الشيء فيؤتى فيه بمعان متداخلة إلا أن كل معنى مختص بخصيصة ليست للآخر، فقد قلنا في باب اللغة أن الخوف هو غم يصيب الإنسان الأمر يتوقع نزوله في المستقبل أما الحزن فهو غم يصيبه لأمر وقع فعلا ومضى فنهيت عنهما جميعا ومنه قول أبي تمام وقد كان بارعا فيه:
قطعت إليّ الزابيين هباته ** والتاث مأمول السحاب المسبل

من منة مشهورة وصنيعة ** بكر وإحسان أغر محجل

فقوله منة مشهورة، وصنيعة بكر، وإحسان أغر محجل تداخلت معانيه، إذ المنة والصنيعة والإحسان متقارب بعضه من بعض وليس ذلك بتكرير كما يتوهم لأنه لو اقتصر على قوله منة وصنيعة وإحسان لجاز أن يكون تكريرا ولكنه وصف كل واحدة من هذه الثلاث بصفة أخرجتها عن حكم التكرير فقال منه مشهورة فوصفها بالاشتهار لعظم شأنها وصنيعة بكر فوصفها بالبكارة أي أنها لم يؤت بمثلها من قبل واحسان أغر محجل فوصفه بالغرة والتحجيل.
أي هو ذو محاسن متعددة فلما وصف هذه المعاني المتداخلة التي تدل على شيء واحد بأوصاف متباينة صار ذلك إطنابا ولم يكن تكريرا.
وقد اشتملت هذه الآية {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} على أمرين وهما {أرضعيه} {فألقيه} ونهيين وهما {لا تخافي ولا تحزني} وخبرين وهما: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} وبشارتين في ضمن الخبرين وهما رده إليها وجعله من المرسلين.
2- الكناية:
وذلك في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} فإن ذلك كناية عن فقدان العقل وطيش اللب والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طاش صوابها وطار عقلها لما انتابها من فرط الجزع والدهش ومثله قوله تعالى: {وأفئدتهم هواء} أي جوف لا عقول فيها ومنه بيت حسان:
ألا أبلغ أبا سفيان عني ** فأنت مجوّف نخب هواء

وهذا البيت من قصيدة مطولة لحسان بن ثابت يهجو بها أبا سفيان قبل إسلامه وبعده:
بأن سيوفنا تركت عبيدا ** وعبد الدار سادتها الإماء

هجوت محمدا فأجبت عنه ** وعند اللّه في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء ** فشرّكما لخير كما الفداء

أمن يهجو رسول اللّه منكم ** ويمدحه وينصره سواء

فإن أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاء

وألا أداة للتنبيه والاستفتاح والمأمور بالإبلاغ غير معين، ثم التفت ليثير غيظ أبي سفيان، وكان مقتضى السياق أن يقول فإنه أي أبا سفيان لكن مخاطبته ومشافهته بالذم أمض للنفس وأقذع في الهجاء، والمجوف والنخب والهواء خالي الجوف أو فارغ القلب من العقل والشجاعة واسناد الترك للسيوف مجاز عقلي لأنها آلة للفعل وعبيد بالتصغير قبيلة وكذلك عبد الدار سادتها مبتدأ والإماء خبره والجملة في محل المفعول الثاني لتركت أي صيرت عبيدا لا سادة لها إلا النساء وصيرت عبد الدار كذلك وأتهجوه الاستفهام إنكاري توبيخي والواو بعده للحال أي لا ينبغي لك ذلك وشر وخير اسما تفضيل واختصا بحذف همزتهما تخفيفا لكثرة استعمالهما لكن المراد بهما هنا أصل الوصف لا الزيادة فيه والشر أبو سفيان وجملة فشر كما لخير كما الفداء دعائية دعا عليه أن يكون فداء لرسول الله وأبرزه في صورة الإبهام لأجل الانصاف في الكلام ولذلك لما سمعه الحاضرون قالوا هذا أنصف بيت قالته العرب وأمن يهجو استفهام انكاري أي ليس من يهجوه منكم ومن يمدحه وينصره منا مستويين ويحتمل أن الهمزة للتنبيه أو للنداء والمنادى محذوف أي يا قوم أبي سفيان إن الذي يهجو رسول اللّه منكم والذي يمدحه وينصره منكم مستويان في عدم الاكتراث بهما والوقاء ما يتوقى به المكروه وزان الحزام والرباط فهو إما بمعنى اسم مفعول أو اسم آلة.